كان مالك بن عوف الذي قاد الجموع إلى حنين سار بعد الهزيمة مع ثقيف إلى الطائف, وأغلقوا عليهم أبواب مدينتهم ودخلوا حصنهم المنيع بعد أن جمعوا فيه من المؤن والذخيرة ما يكفيهم لمدة عام, فسار الرسول إليهم ومضى حتى نزل قريبا من الطائف وضرب المسلمون حولهم الحصار وقذفوا حصنهم بالمنجنيق لأول مرة واستمر حصارهم كما ذكر ابن إسحق بضعا وعشرين ليلة قاتلوا فيها قتالا شديد وتراموا بالنبل
ولما ضاق الحصار وطالت الحرب أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقطع الأعناب والنخيل لثقيف, وهى مما يعتمدون علية في معاشهم ووقع المسلمين فيها يقطعون علهم يخرجون للدفاع أو طلب الصلح لكنهم سألوا الرسول أن يدعها لله والرحم فقال فإني أدعها لله والرحم
وفى أحد الأيام استشار رسول الله صلى الله عليه و سلم نوفل بن معاوية الديلي وقال : يا نوفل ما ترى فى المقام عليهم؟
فقال : يا رسول الله ثعلب فى جحر إن أقمت علية أخذته وأن تركته لم يضرك
ورفع النبي صلى الله عليه و سلم عنهم الحصار وقرر العودة دون أن يفتح الطائف فلما ارتحلوا قال لهم الرسول قولوا: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون وفى أثناء الرجوع طلب بعض الصحابة من الرسول أن يدعو على ثقيف فقال: اللهم أهد ثقيفاً وأت بهم مسلمين
وسار الرسول بجيشه حتى نزل الجعرانه (حيث كان قد ترك الغنائم والسبي الذي حازه من هوازن وحلفائها) وتأنى بها بضعة عشر يوما ليرجع إليه هوازن ومن حالفهم تائبين فيرد عليهم غنائمهم فلم يجئه أحد فشرع يقسمها ليسكت هؤلاء المتطلعين الذين أزدحموا على رسول الله يقول: يا رسول الله أقسم علينا فيأنا, حتى الجئوه إلى شجرة فاختطف منة رداءه فقال : أيها الناس ردوا على ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم ثم ما لقيتموني بخيلاً و لا جباناً ولا كذاباً ثم قال إلى جنب بعير فأخذ من سنامه وبره فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها فقال : أيها الناس والله مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم
وأعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم المؤلفة قلوبهم وكانوا من أشراف قريش وبعض القبائل الأخرى يتألفهم ويتألف بهم قومهم فأعطى أبا سفيان أبن حرب مائة بعير وأعطى ابنة معاوية مائة أخرى وأعطى حكيم بن حزام مائة... إلخ وأعطى عباس بن مرداس بعض الابل فسخطها وعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال فى ذلك شعرا فأعطاه الرسول حتى رضي ولم يعط الرسول من هذه الغنائم للأنصار ولا كبار المهاجرين ووكلهم إلى إسلامهم
موقف الأنصار
ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم من تلك العطايا فى قريش وفى قبائل العرب ولم يكن فى الأنصار منها شئ وجد هذا الحي من الأنصار فى أنفسهم حتى كثرت منهم القاله, حتى قال قائلهم : قد لقي والله رسول الله قومه
فذهب سعد بن عباده إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم لما صنعت فى هذا الفيء الذي أصبت قسمت فى قومك وأعطيت عطايا عظيمة فى قبائل العرب ولم يك هذا الحي من الأنصار منها شئ
فقال الرسول: فأين أنت من ذلك يا سعد؟
قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي
قال : فأجمع لي قومك في هذه الحظيرة
فخرج سعد فجمع الأنصار وقال: يا رسول الله لك هذا الحي من الأنصار
فأتاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم خطب الأنصار قائلا: يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟؟
قالوا: بلى الله ورسوله آمن وأفضل
قال: ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟؟
قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله لله و لرسوله المن والفضل
قال: اما والله لو شئتم لقلتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة (شجرة خضراء شبه بها نعيم الدنيا) من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعب لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار
فبكى القوم حتى أحضلوا (بللوا) لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا
الرسول يرد السبايا إلى هوازن
وأتى وفد هوازن إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وقد أسلموا وسألوا رسول الله أن يرد عليهم سبيهم وثروتهم
فقالوا : يا رسول الله إنا أهل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك
وقال أحدهم: يا رسول الله إنما فى الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟؟
فقالوا : يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا- بل نرد إلينا نساءنا وأبناءنا فهو أحب إلينا
فقال: أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله فى أبنائنا ونسائنا فأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم
فلما صلى رسول الله بالناس الظهر قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به فقال رسول الله : أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم و قال المهاجرون : ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه و سلم وقالت الأنصار : وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه و سلم, و أبى ثلاثة من بنى تميم وبنى فزارة أن يتنازلوا عن سبيهم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين وقد كنت استأنيت بهم وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليهم وله فريضة ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا
فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ولم يتخلف منهم أحد وسأل رسول الله الوفد عن مالك بن عوف فأخبرهم أنه بالطائف مع ثقيف فقال أخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل, وعلم مالك بن عوف بذلك فخرج من الطائف سراً وأدرك رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجعرانة أو بمكة فرد علية أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل و أسلم فحسن إسلامه فأستعمله رسول الله على من أسلم من قومه من القبائل التي حول الطائف
الشيماء أخت الرسول
وكان من ضمن السبايا الشيماء بنت حليمة السعدية أخت رسول الله صلى الله عليه و سلم من الرضاعة, وأعنفوا عليها فى السوق وهم لا يدرون فقالت للمسلمين: أتعلمون والله إنني لأخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها حتى أتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ولما إنتهت الشيماء الى رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت يا رسول الله: إنس أختك من الرضاعة
قال : وما علامة ذلك؟
قالت : عضة عضضتها فى ظهري وأنا متوركتك-يعنى حاملتك على وركي
وعرف رسول الله صلى الله عليه و سلم العلامة فسر بها وأدناها منة وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ثم خيرها بين الإقامة معه أو العودة إلى قومها فرأت أن تعود إلى قومها فأجابها لذلك وأعطها ثلاثة أعبد وجارية ونعما وشاة- هذا ولا يفوتنا أن نذكر أن الشيماء قد أسلمت
ولما ضاق الحصار وطالت الحرب أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقطع الأعناب والنخيل لثقيف, وهى مما يعتمدون علية في معاشهم ووقع المسلمين فيها يقطعون علهم يخرجون للدفاع أو طلب الصلح لكنهم سألوا الرسول أن يدعها لله والرحم فقال فإني أدعها لله والرحم
وفى أحد الأيام استشار رسول الله صلى الله عليه و سلم نوفل بن معاوية الديلي وقال : يا نوفل ما ترى فى المقام عليهم؟
فقال : يا رسول الله ثعلب فى جحر إن أقمت علية أخذته وأن تركته لم يضرك
ورفع النبي صلى الله عليه و سلم عنهم الحصار وقرر العودة دون أن يفتح الطائف فلما ارتحلوا قال لهم الرسول قولوا: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون وفى أثناء الرجوع طلب بعض الصحابة من الرسول أن يدعو على ثقيف فقال: اللهم أهد ثقيفاً وأت بهم مسلمين
وسار الرسول بجيشه حتى نزل الجعرانه (حيث كان قد ترك الغنائم والسبي الذي حازه من هوازن وحلفائها) وتأنى بها بضعة عشر يوما ليرجع إليه هوازن ومن حالفهم تائبين فيرد عليهم غنائمهم فلم يجئه أحد فشرع يقسمها ليسكت هؤلاء المتطلعين الذين أزدحموا على رسول الله يقول: يا رسول الله أقسم علينا فيأنا, حتى الجئوه إلى شجرة فاختطف منة رداءه فقال : أيها الناس ردوا على ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم ثم ما لقيتموني بخيلاً و لا جباناً ولا كذاباً ثم قال إلى جنب بعير فأخذ من سنامه وبره فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها فقال : أيها الناس والله مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم
وأعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم المؤلفة قلوبهم وكانوا من أشراف قريش وبعض القبائل الأخرى يتألفهم ويتألف بهم قومهم فأعطى أبا سفيان أبن حرب مائة بعير وأعطى ابنة معاوية مائة أخرى وأعطى حكيم بن حزام مائة... إلخ وأعطى عباس بن مرداس بعض الابل فسخطها وعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال فى ذلك شعرا فأعطاه الرسول حتى رضي ولم يعط الرسول من هذه الغنائم للأنصار ولا كبار المهاجرين ووكلهم إلى إسلامهم
موقف الأنصار
ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم من تلك العطايا فى قريش وفى قبائل العرب ولم يكن فى الأنصار منها شئ وجد هذا الحي من الأنصار فى أنفسهم حتى كثرت منهم القاله, حتى قال قائلهم : قد لقي والله رسول الله قومه
فذهب سعد بن عباده إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم لما صنعت فى هذا الفيء الذي أصبت قسمت فى قومك وأعطيت عطايا عظيمة فى قبائل العرب ولم يك هذا الحي من الأنصار منها شئ
فقال الرسول: فأين أنت من ذلك يا سعد؟
قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي
قال : فأجمع لي قومك في هذه الحظيرة
فخرج سعد فجمع الأنصار وقال: يا رسول الله لك هذا الحي من الأنصار
فأتاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم خطب الأنصار قائلا: يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟؟
قالوا: بلى الله ورسوله آمن وأفضل
قال: ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟؟
قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله لله و لرسوله المن والفضل
قال: اما والله لو شئتم لقلتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة (شجرة خضراء شبه بها نعيم الدنيا) من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعب لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار
فبكى القوم حتى أحضلوا (بللوا) لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا
الرسول يرد السبايا إلى هوازن
وأتى وفد هوازن إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وقد أسلموا وسألوا رسول الله أن يرد عليهم سبيهم وثروتهم
فقالوا : يا رسول الله إنا أهل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك
وقال أحدهم: يا رسول الله إنما فى الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟؟
فقالوا : يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا- بل نرد إلينا نساءنا وأبناءنا فهو أحب إلينا
فقال: أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله فى أبنائنا ونسائنا فأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم
فلما صلى رسول الله بالناس الظهر قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به فقال رسول الله : أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم و قال المهاجرون : ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه و سلم وقالت الأنصار : وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه و سلم, و أبى ثلاثة من بنى تميم وبنى فزارة أن يتنازلوا عن سبيهم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين وقد كنت استأنيت بهم وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليهم وله فريضة ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا
فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ولم يتخلف منهم أحد وسأل رسول الله الوفد عن مالك بن عوف فأخبرهم أنه بالطائف مع ثقيف فقال أخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل, وعلم مالك بن عوف بذلك فخرج من الطائف سراً وأدرك رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجعرانة أو بمكة فرد علية أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل و أسلم فحسن إسلامه فأستعمله رسول الله على من أسلم من قومه من القبائل التي حول الطائف
الشيماء أخت الرسول
وكان من ضمن السبايا الشيماء بنت حليمة السعدية أخت رسول الله صلى الله عليه و سلم من الرضاعة, وأعنفوا عليها فى السوق وهم لا يدرون فقالت للمسلمين: أتعلمون والله إنني لأخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها حتى أتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ولما إنتهت الشيماء الى رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت يا رسول الله: إنس أختك من الرضاعة
قال : وما علامة ذلك؟
قالت : عضة عضضتها فى ظهري وأنا متوركتك-يعنى حاملتك على وركي
وعرف رسول الله صلى الله عليه و سلم العلامة فسر بها وأدناها منة وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ثم خيرها بين الإقامة معه أو العودة إلى قومها فرأت أن تعود إلى قومها فأجابها لذلك وأعطها ثلاثة أعبد وجارية ونعما وشاة- هذا ولا يفوتنا أن نذكر أن الشيماء قد أسلمت